نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مزارع شبعا: الوثائق التاريخية تؤكد "لبنانيتها" لكن مشاريع التطبيع تتطلب "سَوْرَنتها" - بوابة اخر ساعة, اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025 02:00 صباحاً
من جديد تعود قضية مزارع شبعا إلى الواجهة، من بوابة تصريحات بعض الشخصيات السياسية التي تنفي لبنانيتها، إلا أن الخطير اليوم هو أنّ ذلك يأتي على وقع تحولات كبرى في المنطقة، أبرزها الحديث المتكرّر عن إمكانية ذهاب السلطة الجديدة في دمشق إلى التطبيع مع تل أبيب، بالتزامن مع ضغوط يتعرض لها لبنان للإلتحاق بالمسار نفسه.
إنطلاقاً من ذلك، يعتبر رئيس هيئة "أبناء العرقوب" الدكتور محمد حمدان، كاتب كتاب "مزارع شبعا وإدارة الازمة (حقائق ووثائق ومستندات)"، أن التوقيت السياسي مشبوه ومريب، موضحاً أنه في كل مرة تثار فيها القضية يكون هناك ما يُحضر في الخفاء. بينما يشير المؤرخ الدكتور عصام خليفة، الذي لديه مجموعة من الكتب والأبحاث حول الحدود، إلى أن من لديه العقل يرضخ للحقائق التاريخيّة، لافتاً إلى أنه سبق له أن قدم لرئيس الحكومة نواف سلام، منذ أيام حكومة فؤاد السنيورة في العام 2005، ملفاً كاملاً حول هذه القضية.
الحقائق التاريخية
في هذا المجال، يشدّد الدكتور حمدان على أن كل المفاهيم القانونية والجغرافية والتاريخية والخرائط تؤكّد لبنانيّة المزارع، لكن الدولة مقصّرة تجاه هذا الموضوع منذ العام 1967، مشيراً إلى أنه "طرحنا عام 2005 تشكيل هيئة خاصة، تكون تابعة لرئاسة الحكومة، بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء"، لافتاً إلى أن "هذا الملف كان قُدِّم في العام 2019، لكن بسبب الأحداث حينها ثم إنتشار فيروس كورونا تعرقل، بعد أن وصل إلى الدائرة القانونية في وزارة الخارجيّة"، مؤكّداً أن المطلوب يتعلّق بموقف رسمي واضح بهذا الخصوص، بالإضافة إلى إعادة إطلاق مسار الهيئة من جديد.
بالنسبة إلى الحقائق التاريخية، يكشف الدكتور خليفة أن القضية تعود إلى العام 1920، عندما أصدر الجنرال الفرنسي هنري غورو القرار رقم 318، الذي نص على أن يضم لبنان "أقضية بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا"... وعلى أن تكون حدود لبنان الكبير هي نفسها الحدود الشرقيّة لأقضية "بعلبك والبقاع وحاصبيا وراشيا"، مشيراً إلى أن غورو ألحق بالقرار خريطة لم تكن دقيقة، وضعت مزارع شبعا وبلدة النخيلة خارج الحدود اللبنانيّة، في حين نصّ القرار على أن تكون شبعا ومزارعها والنخيلة ضمن لبنان، لأنها حكماً ضمن قضاء حاصبيا.
ويتحدث، ضمن الإطار نفسه، عن حادثة حصلت عند دخول القوات الفرنسية قرى العرقوب في العام 1920، حيث يشير إلى أنه بعد حدوث تمرد ضد الفرنسيين فرضت غرامات على الأهالي، فقام وجهاء شبعا بقطع 600 شجرة سنديان معمرة من أحراج مزرعة برختا، لدفع الغرامات، ما حمل السلطات المعنية في حاصبيا على توقيف بعض المسؤولين عن قطع الأشجار، لأنهم لم يحصلوا على إجازة قطعها من السلطة الإدارية في حاصبيا، ما يعني أن أهالي شبعا يملكون المزارع، وأن القضايا القانونيّة المتعلقة بها تبت في المدينة المذكورة.
الإعتراف السوري
بالنسبة إلى ما يُثار بشكل دائم عن عدم وجود إعتراف سوري بلبنانية المزارع، يلفت الدكتور خليفة إلى الخلاف الذي حصل، في حزيران 1934، بين أهالي قرية جباتا الزيت السورية وأهالي بلدة شبعا، حيث يوضح أنه تم الإتفاق بين الجميع على إقرار وثيقتين، أقرت فيهما الدولتين، بموافقة سلطة الإنتداب، بأن يكون وادي العسل هو الخط الحدودي بين المزارع وسوريا. ويوضح أنه في تشرين الثاني 1937 أرسل المستشار الإداري الفرنسي للبنان الجنوبي بيار بارت إلى رئيس مركز القنيطرة في سوريا تقريراً، أكّد فيه أنّ الحدود الواقعيّة مرفقة بخريطة وضعها بارت، وفيها تأكيد أن جميع المزارع، باستثناء مغر شبعا، مع قرية النخيلة لبنانية.
بالإضافة إلى ذلك، يلفت الدكتور خليفة إلى إتفاق حصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية، في العام 1946، بعد أن بعث مختار شبعا خالد الخطيب، في شباط 1944، برسالة إلى رئيس الجمهورية بشارة الخوري، يحتج فيها على قيام المسّاحِين السوريين بمحاولة ضم قسم كبير من الأراضي اللبنانية، موضحاً أنه في آذار 1946 تم تكليف القاضي اللبناني رفيق الغزاوي، يساعده المهندس جوزف أبي راشد، والقاضي السوري عدنان الخطيب، يساعده المهندس رشان المارستاني، في إطار لجنة مشتركة للقيام بتحديد نهائي للحدود، وفي 27 من الشهر نفسه تم التوصل إلى إتفاق على ترسيم الحدود بين مزارع شبعا ومغر شبعا.
كما يؤكد الدكتور خليفة وجود 13 تصريحاً لمسؤولين سوريين، بينهم الرئيس السابق بشار الأسد ومندوب سوريا في الأمم المتحدة ميخائيل وهبة، تم التأكيد فيهم على لبنانية المزارع، بالرغم من تشديده على أنّ لبنان لا يحتاج إلى أيّ إذن من أحد للقول إنها لبنانية، لأن الوثائق التاريخية والقانون الدولي لصالحه. ويشدّد على أنّ المزاع لا تدخل ضمن القرار 242، حيث أنّ الخرائط الملحقة بإتفاق فك الاشتباك بين القوات السوريّة والإسرائيليّة، لم تدخلها ضمن التقسيمات الثلاثة لمنطقة الجولان، ولم تتخذ قوّة الأمم المتحدة للمراقبة (الأندوف) مواقع لها داخل المزارع.
الدولة مقصّرة
في هذا الإطار، يؤكد الدكتور خليفة على توصيف الدكتور حمدان بأنّ الدولة مقصّرة، مشيراً إلى أنه سبق له أن طالب الحكومة بترجمة الوثائق، التي كان قد قدمها، وإرسالها إلى مجلس الأمن الدولي، لكنه يعرب عن أسفه لأنّ هذا الأمر لم يحصل، مشيراً إلى أن إسرائيل تريد أن تحتفظ بها، ولذلك تطرح مسألة ضمّها إلى الجولان.
وبعيداً عمّا يطرح في الشق السياسي، تحديداً بالنسبة إلى مسألة سلاح "حزب الله"، يدعو إلى الفصل بين لبنانية المزارع ووسائل إستعادتها، حيث من غير الضروري وجود من يؤكد أنها لبنانية مع "حزب الله" في الموقف. ويشير إلى أن الأطماع بها تعود إلى أنها منطقة حدودية إستراتيجيّة، حيث عملت إسرائيل، منذ العام 1919، على مخطّط للسيطرة على حرمون لتصل إلى الليطاني، في حين أن سوريا، إذا كانت لديها القدرة، "تبلع" كل لبنان، مشيراً إلى أنه تحت المزارع هناك بلدة النخيلة، التي تفصل لبنان عن فلسطين، ويلفت إلى أن سوريا تريدها لأنها تفصلها عن الحاصباني.
وعلى الرغم من أن الدكتور حمدان يؤكد صعوبة تحقيق ما يخطّط له، يربط التوقيت بما ينشر في وسائل الإعلام العبريّة، بالنسبة إلى إحتمال الوصول إلى إتفاق تطبيع مع سوريا، حيث يتم الحديث عن أن هذا الإتفاق سيشمل إحتفاظ تل أبيب بالجولان، الذي كانت إسرائيل قد ضمته في العام 1981، ثم اعترف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بسيادتها عليه في ولايته الأولى.
ويلفت إلى أنه من خلال ذلك يأتي اليوم الحديث عن المزارع، على قاعدة أنه في حال الإقرار بأنها سوريّة لا يبقى عند لبنان مشاكل إلا على النقاط الـ13 والنقاط الخمس التي احتُلَّت حديثاً، الأمر الذي يمكن معالجته على عكس موضوع مزارع شبعا المعقد، معتبراً أن الغرب يتعامل مع مثل هذه القضايا بسطحيّة، بدليل طرح ترامب تهجير سكان قطاع غزة من أرضهم.
وفي ما يلي بعض الوثائق، التي كان الدكتور خليفة قد نشرها في كتبه:
0 تعليق