يعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نفسه الرجل الأول في العالم المهدد بالاغتيال، وهو ما يدفعه وفريقه لتوخي الحذر دائمًا، وهو ما كشفه قبل ساعات من إطلاق قاذفات بي-2 على إيران، أثناء وقوفه على مدرج مطار مُؤمّن على بُعد 40 ميلًا غرب مانهاتن، تحت حراسة مشددة من جهاز الخدمة السرية الأمريكي.

وقال "ترامب" لأحد المراسلين عن خطر وقوع هجمات إرهابية على أهداف أمريكية في الخارج من قِبل وكلاء إيرانيين، تحدّث الرجل الأكثر حماية في العالم عن خطر اغتياله، مضيفًا: "أنا وأنت في خطر الآن وأنت تتحدث معي. هل تعلم ذلك؟.. ربما عليّ الخروج من هنا"، بحسب مجلة "ذا أتلانتيك".

الحد من الروتين اليومي

وظلّ الخوف من التعرض للاغتيال يُخيّم على الرئيس وفريقه رفيع المستوى لأشهر، ما دفعهم للحدّ من روتينهم اليومي، خاصةً بعد محاولتي اغتيال فاشلتين على يد مُهاجمين محليين مزعومين.

وقالت المجلة الأمريكية، إن بعض حلفاء ترامب يتساءلون سرًا عن مدى تأثير هذا الخطر المُستمر على تفكير الرئيس بشأن الصراع الحالي.

قدّمت السلطات الفيدرالية، مرتين على الأقل في عام 2024، إحاطات خاصة لقادة الحملة الانتخابية حول التهديد الإيراني المُتطوّر، وعدّلت إجراءات حماية ترامب، وكشفت وزارة العدل عن لائحتي اتهام في العام الماضي وحده، وصفتا مؤامرات إيرانية مُحبطة ضد مسؤولين أمريكيين.

التنقل في طائرة مجهولة

كان كبار مساعدي ترامب قلقين من إسقاط طائرة حملته الانتخابية من طراز بوينج 757، التي تحمل اسمه، في الجو، وفي إحدى المرات، استخدموا طائرة وهمية، ما أدى إلى إرسال طاقم من الموظفين على متن "طائرة ترامب فورس وان"، بينما سافر ترامب نفسه بشكل منفصل على متن طائرة خاصة لأحد أصدقائه، وفقًا لكتاب حملة ترامب الذي ألفه مراسل أكسيوس، أليكس إيزنشتات.

نشر "ترامب" على مواقع التواصل الاجتماعي في سبتمبر الماضي: "تهديدات كبيرة على حياتي من إيران، والجيش الأمريكي بأكمله يراقب وينتظر، واتخذت إيران بالفعل خطوات لم تنجح، لكنهم سيحاولون مرة أخرى".

منذ الضربات الجوية الأمريكية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، كان المحللون العسكريون والأمنيون على أهبة الاستعداد لردود فعل غير متكافئة، مثل الهجمات الإرهابية والاغتيالات، وحذرت وزارة الأمن الداخلي من "بيئة تهديد متصاعدة" في نشرة صدرت الأحد الماضي، وأشارت إلى "التزام إيران طويل الأمد باستهداف مسؤولي الحكومة الأمريكية".

التركيز على مراجعة الهجرة

وذكرت شبكة "إن بي سي نيوز"، أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين تم إعادة تعيينهم للتركيز على الهجرة أُبلغوا خلال عطلة نهاية الأسبوع بالتركيز مرة أخرى على مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس والقضايا السيبرانية.

بدورها قالت كوري شاك، مديرة السياسة الخارجية والدفاعية في معهد أمريكان إنتربرايز، إن التهديدات الإيرانية "يجب أن تُؤخذ على محمل الجد"، مشيرة إلى أنه فور عودته إلى منصبه تقريبًا، سحب ترامب الحماية الأمنية لبعض مسؤوليه السابقين الذين يواجهون خطرًا مماثلًا، بمن فيهم بولتون والجنرال المتقاعد في الجيش الأمريكي مارك ميلي الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة.

واختتمت قائلةً: "إما أنه لا يأخذ التهديد على محمل الجد، أو أنه يُعرّض كبار المسؤولين السابقين للخطر بتهور".

إيران تنفي نية الاغتيال

على الجانب الآخر نفى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تورط حكومته في أي مؤامرات اغتيال، لكن لم يفعل هو وغيره من القادة الإيرانيين الكثير لتهدئة المخاوف.

وقال ماثيو ليفيت، الخبير في العمليات الإيرانية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "التهديد يساوي النية والقدرة، نحن واضحون تمامًا بشأن نيتهم، لكننا أقل وضوحًا بشأن قدراتهم في المستقبل".

في العام الماضي، أرسل الرئيس جو بايدن، آنذاك، رسالة إلى النظام الإيراني مفادها أن أي محاولة اغتيال ضد مسؤولين أمريكيين سابقين ستُعتبر "عملًا حربيًا"، وفقًا لأشخاص مطلعين على الخطط، غير مخولين بالتحدث علنًا، وصرّح بيزشكيان لشبكة "إن بي سي نيوز" في يناير2025 بأن "إيران لم تُحاول قط، ولا تُخطط، لاغتيال أي شخص".

تعليمات ترامب في حال اغتياله

وكرر ترامب، بأسلوبه الأقل دبلوماسية، تحذير بايدن، وإن كان بلغة أكثر حدة.

وصرّح للصحفيين في المكتب البيضاوي في فبراير بأنه "ترك تعليمات" لما يجب أن يحدث في حال اغتياله على يد إيران، وقال الرئيس: "إذا فعلوا ذلك، فسيُبادون، لن يبقى شيء".

وكشفت إدارة بايدن عن أحدث الادعاءات المحددة بشأن مؤامرة لقتل ترامب بعد ثلاثة أيام من الانتخابات الرئاسية العام الماضي، في وثائق الاتهام المقدمة إلى المحكمة الفيدرالية، وصف مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابلة هاتفية أجراها خلال ذروة الحملة الانتخابية مع فرهاد شاكري، وهو مواطن أفغاني مقيم في طهران، تم ترحيله من الولايات المتحدة عام 2008 بعد قضاء 14 عامًا في السجن في نيويورك بتهمة السرقة.