عاجل

الفقر والتهميش يزيدان الضغط على القطاع الصحي في بريطانيا - بوابة اخر ساعة

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفقر والتهميش يزيدان الضغط على القطاع الصحي في بريطانيا - بوابة اخر ساعة, اليوم الخميس 3 يوليو 2025 03:22 صباحاً

تواجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا أزمة تتجاوز حدود الرعاية الطبية التقليدية، حيث هناك قصص مؤثرة عن شابات وأسر وأفراد يعيشون على هامش المجتمع، وتسلط هذه القصص الضوء على الصلة المباشرة بين الفقر المزمن وتدهور الصحة العامة.

ففي مستشفى «فورنيس» العام بمقاطعة كمبريا شمال غرب بريطانيا، أصبحت مجموعة من 11 شابة تراوح أعمارهن بين 19 و35 عاماً مألوفة لموظفي قسم الطوارئ، حيث يترددن باستمرار طلباً للرعاية.

جميع أولئك الشابات مررن بتجارب مضطربة، بعضهن نشأن في دور رعاية، فيما يعاني البعض الآخر اضطرابات نفسية شديدة وغياب الدعم الاجتماعي، كما أن معظمهن فقيرات وبحاجة إلى دعم نفسي، ما دفعهن إلى استخدام أساليب خطيرة للبقاء داخل المستشفى، كتناول جرعات غير مميتة من الأدوية أو ابتلاع أشياء منزلية فقط من أجل الحصول على سرير يوفّر لهن الأمان المؤقت.

ورغم قلة أعضاء هذه المجموعة فإنها شكّلت 9% من أصل أكثر من 45.2 ألف زيارة لقسم الطوارئ في المستشفى خلال عام واحد، بكلفة تجاوزت 250 ألف جنيه إسترليني.

ويصف قادة في قطاع الصحة البريطاني هذا السلوك بأنه جزء من «نمط مخيف» من إيذاء النفس يتزايد بين بعض الفئات المهمشة والتي بات ملجؤها الدائم هو المستشفى المحلي.

وليس الأمر محصوراً في فئة الشباب، فبعض المسنات الموجودات في الأجنحة الطبية يُهمِلن صحتهن عمداً أملاً في تلقي رعاية شاملة داخل المستشفى، لاسيما في فصل الشتاء حين ترتفع فواتير التدفئة بشكل كبير.

أمراض مهملة

وفي ظل تراجع منظومة الرعاية الصحية في بريطانيا، أجرت صحيفة «الغارديان» تحقيقاً استمر شهوراً، التقت خلاله بأطباء وممرضين وأخصائيين اجتماعيين في أكثر المناطق حرماناً بالبلاد، مثل بلاكبول وبيرنلي وبارو.

وكشف التحقيق عن أمراض مهملة يصفها الأطباء بأنها «تشبه أمراض العصور الوسطى»، حيث يؤدي نقص عدد أطباء الأسرة وممرضات المجتمع إلى اعتماد السكان على الطوارئ كملاذ أخير.

وقد تضاعفت زيارات الطوارئ في بعض المناطق منذ عام 2010، وزادت استدعاءات سيارات الإسعاف بنسبة 61%، وتزامن ذلك مع مطالب الحكومة بخفض ميزانيات بعض الهيئات الصحية للنصف، ما أدى إلى إلغاء ما يصل إلى 13.5 ألف وظيفة مرتبطة بقطاع الرعاية الصحية، وأثار قلقاً حيال جدوى خطط التحول إلى الرعاية المجتمعية والوقاية التي من المفترض أن يعلن عنها وزير الصحة ويس ستريتنغ قريباً.

تحديات

لكن التحديات كبيرة، حيث إن بريطانيا لديها أدنى متوسط عمر متوقع في أوروبا الغربية، كما أنها سجلت أعلى المعدلات بين الدول الغنية بالنسبة للوفيات التي يمكن تجنبها بالوقاية والعلاج.

وتعيش أسر بريطانية في فقر مدقع، لدرجة أنها تضطر لإطعام أطفالها حليباً معاد التسخين، أو إغلاق الثلاجات ليلاً لتوفير الكهرباء، ما قد يسبب عدوى بكتيرية خطيرة، ويعرضهم لخطر التسمم الغذائي. كما أصبح الاعتماد على الأطعمة المصنعة الرخيصة نمطاً شائعاً وسط ارتفاع معدلات السمنة وسوء التغذية بين الأطفال.

وقال أحد قادة الخدمات الصحية: «هناك شعور باليأس بين المهنيين، ونحن نبذل ما بوسعنا، لكنني لست متأكداً كثيراً بما يمكن فعله، إنها مشكلة متجذرة، لكنها علامة على شيء أوسع وأعمق يحدث في المجتمع».

مبادرات

وباتت الخدمات الصحية تركز على العلاج بدلاً من الوقاية، غير أنه في بعض المناطق مثل لانكشاير وجنوب كمبريا، أطلقت مبادرات وقائية رائدة، واتبع قادة الصحة نهجاً جديداً يهدف إلى معالجة الحالات قبل أن تتحول إلى أزمات. وأمضت الممرضة المجتمعية ليزي هولمز عامين في إقناع سكان حي رايلاندز الفقير في لانكشاير بإجراء فحوص طبية مجانية.

وكان هذا المجتمع تاريخياً أحد أشد مجتمعات لانكشاير فقراً وبلا أطباء، ويكاد يكون السكان غير مرئيين لهيئة الخدمات الصحية الوطنية حتى يتم التصريح لهم بالذهاب إلى المستشفى أو التوجه إلى قسم الطوارئ.

وأصبحت هولمز، الحائزة على جائزة الملكة المرموقة للممرضات، عاملة اجتماعية غير رسمية، وحتى سباكة هاوية، لكسب ثقة السكان المترددين، ففي العام الماضي فتحت انسداداً في حوض مطبخ أحد المرضى مقابل وعده بالخضوع للفحص، حيث كان الرجل، في أواخر الخمسينات من عمره، منعزلاً تقريباً، وكان من المعتقد أنه يعاني أمراضاً مزمنة متعددة، لكنه كان يرفض الحصول على المساعدة.

وقالت الممرضة ورئيسة قسم صحة السكان في لانكشاير وجنوب كمبريا، كلير نيبيسكي، التي تعمل مع هولمز على دعم الرعاية الصحية: «لولا إصرار ليزي على طرق باب الرجل لكان من الممكن أن يتم العثور عليه ميتاً في منزله».

ووصل فريق هولمز حتى الآن إلى 164 مريضاً كان من غير المرجح أن يطلبوا المساعدة قبل زيارة قسم الطوارئ.

ووفقاً لتحليل داخلي وفر هذا النهج الوقائي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية أكثر من 170 ألف جنيه إسترليني لخمسة من المرضى فقط. ويعود معظم هذا التوفير بشكل رئيس إلى عدم حاجتهم إلى سرير في المستشفى (2089 جنيهاً إسترلينياً لكل مريض يومياً).

ومن المتوقع أن يرتفع التوفير الذي ستحققه هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى ملايين الجنيهات الإسترلينية في جميع أنحاء منطقة رايلاندز.

النموذج الوقائي

ويرى الخبراء أن هذا النموذج الوقائي هو السبيل الوحيد لإنقاذ منظومة الصحة البريطانية التي تنفق الآن سبعة مليارات جنيه سنوياً على إعانات العجز، أكثر مما تنفقه على الدفاع. وتشير التقديرات إلى أن علاج المرض طويل الأمد يكلّف الاقتصاد أكثر من 300 مليار جنيه إسترليني سنوياً.

ويتلقى واحد من كل 10 أشخاص في بريطانيا وويلز إما إعانة الإعاقة أو إعانة العجز، وقد ارتفع العدد من 2.8 مليون شخص في عام 2019 إلى أربعة ملايين حالياً.

وتقدر الحكومة كلفة العلاج طويل الأمد بأكثر من 300 مليار جنيه إسترليني سنوياً، أي ما يعادل مرة ونصف المرة ميزانية وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في ستريتنغ.

ومع تفاقم الفقر في بريطانيا تزداد تحديات الخدمات الصحية البريطانية، حيث أشارت دراسة أجرتها مؤسسة «جوزيف رونتري» عام 2014 إلى أن 29 مليار جنيه إسترليني من إنفاق الخدمة الصحية كانت مرتبطة بالمناطق الأكثر فقراً، حيث يكون السكان أكثر مرضاً وأكثر عرضة لاستخدام قسم الطوارئ. عن «الغارديان»


الاستشفاء

بات من الواضح أن الفقر لا يهدد فقط جودة حياة الأفراد في بريطانيا، بل يضع عبئاً هائلاً على نظام الرعاية الصحية بأكمله. ودون إصلاحات حقيقية تركز على الوقاية والرعاية المجتمعية، سيظل الاستشفاء في بريطانيا ملاذاً للفقراء أكثر من كونه خدمة طبية.


بلاكبول تسجل أعلى معدل وفيات

سكان منطقة بلاكبول الفقيرة يعانون صعوبة الحصول على علاج. من المصدر

يعد معدل الوفيات بين من هم دون سن 75 عاماً في بلاكبول، الأسوأ في بريطانيا، بسبب السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يبلغ متوسط عمر الرجل 73 عاماً، أي أصغر بست سنوات من المتوسط في أنحاء البلاد الأخرى. ويبلغ متوسط عدد وفيات المخدرات في بلاكبول أربعة أضعاف متوسط عدد الوفيات في مناطق أخرى، وضعف معدل وفيات التدخين تقريباً. وتعد أعلى نسبة وفيات في المنطقة بسبب الكحول، كما أنها سجلت أعلى معدل للأمراض العقلية الخطيرة.

وتُعد الوفيات الناجمة عن الكحول أو المخدرات أو الانتحار هي الأعلى في بريطانيا.

في عام 2021، ألقى وزير الصحة آنذاك، ساجد جاويد، كلمة في بلاكبول وصف فيها الاختلافات الهائلة في الوصول إلى الرعاية الصحية ونتائجها المتعلقة بالعرق والوضع الاجتماعي والاقتصادي، بأنها «مرض التفاوت». وفي الأسبوع الماضي، اختار خليفته ويس ستريتنغ مدينة بلاكبول أيضاً لإلقاء أول خطاب له حول التفاوتات الصحية، حيث تعهد في هذا الخطاب بضمان توجيه المزيد من تمويل هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى المناطق الفقيرة للمساعدة في معالجة مشكلة قلة الأطباء وطول فترات انتظار الرعاية.

وقال: «لا تبذل هيئة الخدمات الصحية جهداً كافياً لمعالجة الطريقة غير العادلة التي تظهر بها الأمراض في بلدنا».

ويعد منع استمرار الأمراض المزمنة التي تنتقل عبر الأجيال من مهام مبادرة وطنية يطلق عليها «بلاكبول بيتر ستارت»، وهي تجمع بين هيئة الخدمات الصحية والجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال، والمجلس المحلي، والشرطة، والأهم من ذلك فريق من ستة أفراد من الآباء المحليين الموثوق بهم، والمعروفين باسم «منسقي المجتمع»، والذين يتمتعون بخبرة أكبر في كسب ثقة العائلات من الجهات الرسمية.


وضع صعب

متطوعون يوزعون الطعام في بلاكبول. من المصدر

يُعتبر استخدام منطقة بلاكبول للقيمين على المجتمع والآباء المحليين الذين توظفهم الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال والذين غالباً ما يتم تجنيدهم عبر موقع «فيس بوك»، أمراً بالغ الأهمية لصحة الأطفال.

وقالت رئيسة مجموعة سكان مجمع رايلاندز في لانكستر، جيني أرمر، إن العائلات في المناطق الأكثر حرماناً بالمدينة تخشى الإبلاغ عن وضعها المعيشي الصعب خوفاً من أن تأخذ «الخدمات الاجتماعية» أطفالها لرعايتهم.

بدورها، قالت عالمة الاجتماع التي تقود مركز «التفاوتات الصحية» في جامعة لانكستر، البروفيسورة جيني بوباي، إن «انعدام ثقة الفئات المهمشة اجتماعياً بالحكومة أمر مفهوم».

وأضافت أن «رسالة هيئة الخدمات الصحية الوطنية ومؤسسات أخرى تعتبر أن سوء الصحة هو سلوك السكان الفقراء، وهذا يلحق العار بمن يعيشون حياة صعبة للغاية».

. النقص في الأطباء والممرضات يؤدي إلى اعتماد السكان على الطوارئ كملاذ أخير.

. بعض المناطق أطلقت مبادرات وقائية للأمراض بهدف معالجة الحالات قبل أن تتحول إلى أزمات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق