نشر في تونسكوب يوم 03 - 07 - 2025

في تونس، يتورّط آلاف المواطنين سنويًا في علاقات كراء دون توقيع عقد كراء مكتوب. فبسبب الثقة أو الجهل بالقانون، يكتفي الكثيرون باتفاق شفاهي. غير أن هذه الممارسة قد تؤدي إلى نزاعات قانونية خطيرة، غالبًا ما تُحسم لفائدة المالك.
في الكراء السكني، لا يُلزم القانون التونسي وجود عقد مكتوب. هذا يعني أن المستأجر يمكنه قانونيًا السكن دون وثيقة رسمية. لكن في حال حصول نزاع، يصبح غياب الوثيقة فخًا قانونيًا حقيقيًا، حيث يصعب إثبات الحقوق أو شروط الاتفاق.
أما في حالة عقود الكراء التجاري، فالكتابة إجبارية. لذلك من المهم التفرقة بين أنواع الكراء وفهم ما يترتّب عنها قانونيًا. فحتى في غياب عقد، يمكن اعتبار العلاقة قانونية، لكن يصعب الدفاع عنها دون أدلة مكتوبة.
خطأ شائع آخر هو استعمال نماذج عقود جاهزة من الإنترنت أو المكتبات. هذه الوثائق عادةً ما تكون ناقصة وتفتقر إلى شروط الحماية الأساسية مثل: مدّة العقد، تفاصيل الصيانة، مسؤوليات كل طرف، أو طريقة الفسخ. وفي حال حصول نزاع، تُعتبر هذه العقود ضعيفة قانونيًا.
ينصح المحامون وخبراء القانون بصياغة عقد كراء عند مختص، لضمان إضافة بنود دقيقة مثل: مهلة الإنذار قبل الخروج، اللجوء إلى القضاء الاستعجالي عند الضرورة، أو إمكانية الوساطة. مثل هذا العقد يشكل دليلًا قانونيًا قويًا في حال النزاع.
كذلك، يحمي العقد المُحكم المستأجر من الطرد التعسفي. فيمكن أن يتضمّن شرطًا يُلزم المالك بتنبيه المستأجر قبل 3 أشهر بواسطة رسالة مضمونة الوصول أو عن طريق عدل منفذ. في غياب هذه الضمانات، قد يلجأ المالك إلى الضغط للإخلاء الفوري، حتى دون سبب مشروع.
في فترات حساسة، مثل السنة الدراسية أو ظروف عائلية قاهرة، يمكن للمستأجر التوجه إلى المحكمة وطلب مهلة قضائية قبل الإخلاء. هذا الإجراء يُمنح غالبًا حين يكون العقد واضحًا ويُثبت وجود علاقة قانونية سليمة.
من المهم أيضًا تحديد كل الرسوم والالتزامات في العقد، مثل دفع المعالم البلدية، مسؤولية الإصلاحات، أو مصاريف الوكالة. هذه التفاصيل عادةً ما تغيب عن النماذج الجاهزة، ما يؤدي إلى خلافات مستقبلية.
خلاصة القول: توقيع عقد كراء مكتوب، واضح، ومُخصّص للحالة هو الوسيلة الوحيدة لحماية حقوقك. فهو لا يمنع النزاعات فحسب، بل يُسهّل التعامل معها أمام القضاء. وما يُدفع في البداية مقابل صياغة قانونية يُمكن أن يُجنبك شهورًا من المتاعب والإجراءات.
نصيحة المختصين واضحة: تجنّب العقود الجاهزة، لا تتردد في طرح الأسئلة، ولا تخف من استشارة خبير قانوني. فالوقاية خير من اللجوء المتأخر إلى العدالة.

.