من يدير أموالك في البورصة؟ بين نصائح السوشيال ميديا ومستشار الروبوت - بوابة اخر ساعة

0 تعليق ارسل طباعة

في عصر أصبحت فيه الأسواق المالية على بُعد ضغطة زر، لم يعد من السهل الإجابة عن سؤال "من يدير أموالك في سوق الأسهم؟" ببساطة كما كان في السابق.

 

فبدءًا من مؤثري "تيك توك" الذين يوزّعون نصائح الاستثمار وصولًا إلى الخوارزميات التي تعيد موازنة المحافظ تلقائيًا، يعيش المستثمر المعاصر داخل مشهد مالي تتداخل فيه الحدود بين البشر والآلة.

 

فالمستثمر اليوم لا يختار فقط سهمًا أو صندوقًا، بل يختار أيضًا من يوجه اختياراته، وهل يتبع مستشارًا ماليًا تقليديًا؟ أم يعتمد على روبوت ذكي يعيد توزيع أمواله حسب أنماط السوق؟ أم يستقي قراراته من أحد المؤثرين على وسائل التواصل يَعِد متابعيه بتحقيق الثراء السريع.

 

 

ومع تغير المشهد، لم يعد الوصول إلى الأسواق حكرًا على المستثمرين المحترفين أو من يملكون حسابات بملايين الدولارات، فلقد أصبح بإمكان أي شاب في العشرينات أن يستثمر عبر تطبيق على هاتفه.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

في الوقت نفسه، ظهرت منصات رقمية توفّر خدمات استشارية آلية بأسعار زهيدة، تعتمد على خوارزميات ذكية تقرر نيابةً عنك كيف توزّع أموالك وأين تستثمرها.

 

وحتى إذا كنت مستثمرا تقليديا تتمسك بالوسائل الاعتيادية لاتخاذ قرارك الاستثماري، فأنت على الأرجح تتأثر بشكل غير مباشر بعوامل رقمية جديدة، مثل اتجاهات السوق الناتجة عن التداولات الآلية، أو تقلبات الأسعار التي تُحرّكها تغريدات أو مقاطع مرئية.

 

ربما لم تستثمر يومًا بناءً على توصية من مؤثر، لكن السوق الذي تنشط فيه قد يرتفع أو يهبط بسبب سلوك مستثمرين تأثروا بتلك التوصيات، حيث باتت الأسواق أكثر حساسية للرأي العام الرقمي من أي وقت مضى.

 

وبالتالي فإن قراراتك الاستثمارية، حتى وإن اتخذتها بعناية، لن تكون بمنأى عن تقلبات يحرّكها محتوى عاطفي أو حملة إلكترونية تنتشر كالنار في الهشيم.

 

الأسواق وضغط وسائل التواصل

 

تحولت وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا تيك توك، وإنستجرام، وريديت، ويوتيوب إلى منصات قوية للتثقيف المالي، وفي بعض الأحيان إلى بيئة خصبة لنشر المعلومات المضللة.

 

ووفقًا لاستطلاع أجرته الجمعية العالمية للمحللين الماليين (CFA) في عام 2023، فإن 48% من المستثمرين دون سن 35 يحصلون على النصائح المالية بشكل أساسي من وسائل التواصل الاجتماعي.

 

ولدينا المثال الأشهر حينما قاد منتدى وول ستريت بيتس ضمن منصة "ريديت" الذي يضم أكثر من 14 مليون عضو، موجة ارتفاع سهم جيم ستوب في عام 2021، ما تسبب في فوضى داخل الأسواق وتكبد صناديق التحوط خسائر بمليارات الدولارات.

 

عصر المستشارين الآليين

 

في الجهة المقابلة، يظهر نوع جديد من إدارة الأموال عبر منصات رقمية تُعرف باسم المستشارين الآليين أو المستشارين الروبوتيين، وهي أدوات استثمارية تعتمد على الخوارزميات والذكاء الاصطناعي لبناء المحافظ المالية وإدارتها بشكل آلي.

 

 

هذه الروبوتات تعمل على بناء تلك المحافظ، وفقًا لاحتياجات المستثمر الفردية، مثل الهدف الاستثماري، أفق الاستثمار، ومستوى تحمّله للمخاطر.

 

ويبدأ ذلك عادة عبر نموذج رقمي بسيط يستكمل المستخدم بياناته، ويجيب فيه عن أسئلة تتعلّق بدخله، مدخراته، توقعاته، وتفضيلاته، ليقوم النظام تلقائيًا باقتراح استراتيجية استثمارية مناسبة، غالبًا ما تكون مبنية على مبادئ التنويع وتقليل المخاطر.

 

ومن أبرز هذه المنصات بيتيرمينت التي تدير أصولًا بقيمة تتجاوز 40 مليار دولار أمريكي (بحسب بيانات 2024)، وويلث فرونت التي تُدير أكثر من 30 مليار دولار.

 

هذا بالإضافة إلى محفظة شواب الذكية التابعة لشركة "تشارلز شواب" والتي تُشرف على ما يزيد على 64 مليار دولار من الأصول (بحسب تقارير 2023).

 

وتُعد هذه المنصات خيارًا منخفض التكلفة مقارنةً بالمستشارين الماليين التقليديين، حيث تفرض رسومًا سنوية تتراوح بين 0.25% و0.50% على قيمة الاستثمارات، في حين يتقاضى المستشار البشري عادةً حوالي 1% من الأصول المُدارة.

 

فعلى سبيل المثال، إذا استثمر شخص مبلغ 50 ألف دولار عبر مستشار آلي بنسبة 0.25%، فإن الرسوم السنوية تكون فقط 125 دولارًا، بينما سيحتاج أن يدفع نحو 500 دولار للمستشار التقليدي على نفس قيمة الاستثمار.

 

لكن التكلفة ليست هي الميزة الوحيدة؛ فالمستشارون الآليون يقومون تلقائيًا بإعادة توازن المحفظة للحفاظ على النسبة المحددة بين الأسهم والسندات، ويستخدمون تقنيات تأخذ في اعتبارها أمورا مثل تحسين الضرائب لتقليل العبء الضريبي على المستثمر.

 

كما يتابعون أداء السوق دون أي تدخل بشري مباشر، ما يجعل الخدمة متاحة على مدار الساعة، وبشكل يتّسم بالاتساق والانضباط.

 

بفضل هذه المزايا، باتت المنصات الآلية تستقطب جيلًا جديدًا من المستثمرين الشباب والمهتمين بالتكنولوجيا، ممن يبحثون عن حلول ذكية وفعّالة لإدارة أموالهم دون الدخول في تعقيدات الأسواق أو دفع رسوم مرتفعة مقابل المشورة التقليدية.

 

هل المستشارون البشريون خارج المعادلة؟

 

رغم انتشار الأتمتة، لا يزال المستشارون الماليون التقليديون يديرون غالبية الثروات الاستثمارية.

 

 

ففي عام 2024، بلغ حجم الأصول التي تُدار بواسطة مستشارين ماليين بشريين في الولايات المتحدة أكثر من 30 تريليون دولار، وفقًا لتقرير جمعية المستشارين الاستثماريين الأميركية.

 

وتتمثل قوة المستشار البشري في قدرته على تقديم تخطيط مالي طويل الأمد، إلى جانب الدعم النفسي للمستثمرين خلال فترات التقلبات، كما يُقدّم حلولًا مخصصة في مجالات يصعب على الخوارزميات وحدها تحقيقها.

 

ومع ذلك، فإن الرسوم المرتفعة التي قد تصل إلى 1% من الأصول المُدارة سنويًا، إلى جانب محدودية الوصول إلى مستشارين محترفين من قبل صغار المستثمرين، جعلت العديد من الأفراد يتوجهون إلى البدائل الرقمية بحثًا عن كفاءة التكلفة وسهولة الاستخدام.

 

مقارنة بين أنواع المستشارين الماليين:

العنصر

المستشار التقليدي

المستشار الآلي

مؤثرو وسائل التواصل

الخبرة المهنية

تختلف حسب خبرات المستشار وتكون مرخصة

تعتمد على الخوارزميات

غير مضمونة – غالبًا بلا ترخيص

التكاليف

1 % من الأصول المُدارة

0.25-0.50 %

غالبًا مجانية

طبيعة المشورة

مخصص حسب الحالة

بناءً على نموذج رقمي

عام وغير مخصص

القدرة على استيعاب الظروف الشخصية

مرتفعة

محدودة

معدومة

التأثر بالعاطفة

متوسط

لا يتأثر

شديد التأثر

توفر الخدمة

حسب المواعيد

24/7

24/7

 

ووفقًا لدراسة أجرتها شركة فانجارد عام 2022، يتفوق المستشارون الآليون على المستثمرين الأفراد الذين يديرون أموالهم بأنفسهم بزيادة في العائد السنوي تبلغ 1.5%.

 

ومع ذلك، لا يزال المستشارون البشريون يتفوقون على الآليين في تحقيق عوائد متماسكة على المدى الطويل، خاصةً في الأسواق المتقلبة.

 

المخاوف التنظيمية والأخلاقية

 

تزايدت في السنوات الأخيرة المخاوف التنظيمية والأخلاقية المحيطة بوسائل تقديم المشورة المالية، خاصة مع انتشار المحتوى المالي على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

 

وأصدرت هيئة الأوراق المالية الأميركية عدة تحذيرات رسمية ضد ما يُعرف بـ"المؤثرين الماليين"، الذين يروّجون لاستثمارات محفوفة بالمخاطر أو حتى احتيالية، دون أن يمتلكوا أي تراخيص أو يخضعوا لرقابة مهنية.

 

هذا الانفلات في تقديم النصائح الاستثمارية عبر منصات مثل تيك توك ويوتيوب، يترك المستثمرين الأفراد عُرضة للتضليل، ويهدد استقرار الأسواق نتيجة القرارات العاطفية الجماعية.

 

أما فيما يتعلق بالمستشارين الآليين، ورغم كونهم مسجلين قانونيًا كمستشارين ماليين لدى الجهات المختصة، فإن بعض النقاد يعبّرون عن قلقهم من أن هذه النماذج الحسابية قد تكون محدودة في قدرتها.

 

فهي على سبيل المثال لا تستطيع فهم تعقيدات الحياة الشخصية للمستثمرين، مثل الظروف العائلية، الطموحات المستقبلية، أو حتى الأزمات الطارئة، فهذه الخوارزميات، مهما بلغت دقتها، تظل تفتقر إلى البعد الإنساني الذي يُميز المشورة الشخصية.

 

في ضوء ذلك، لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع عند محاولة الرد على سؤال: "من يجب أن يدير أموالك؟"

 

فالأمر يعتمد على طبيعة كل مستثمر واحتياجاته، فإذا كنت شخصًا مطلعًا تقنيًا، تفضّل الاستثمار السلبي، وتبحث عن تقليل التكاليف، فإن المستشار الآلي قد يكون خيارًا مثاليًا.

 

أما إذا كنت مبتدئًا تنجذب إلى الوعود السريعة والأرباح الخيالية، فعليك أن تكون أكثر حذرًا من الوقوع ضحية لنصائح "المؤثرين" على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وفي حال كانت لديك أهداف مالية طويلة الأجل، أو أصول معقدة، أو كنت تبحث عن مشورة شاملة لحياتك المالية، فإن المستشار البشري المؤهل يبقى الخيار الأكثر أمانًا وملاءمة.

 

وفي النهاية، أفضل من يدير أموالك هو أنت، ولكن بشكل أكثر وعيًا وأن تعرف متى تعتمد على التكنولوجيا، ومتى تلجأ إلى الخبرة البشرية، ومتى تتجاهل بوعي تلك الوعود الواهمة التي تَعِدك بمكاسب 10 أضعاف بين ليلة وضحاها.

 

فالإدارة المالية ليست مجرد قرار استثماري، بل هي وعي مستمر، وتحكم في التوقعات، وبحث دائم عن التوازن بين العقل والعاطفة، بين الآلة والإنسان.

 

المصادر: أرقام- الجمعية العالمية للمحللين الماليين - جمعية المستشارين الاستثماريين الأميركية - فانجارد - تشارلز شواب - هيئة الأوراق المالية الأميركية - بلومبرج – مركز بيو للأبحاث – رويترز

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق