نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عملية بيت حانون تعمّق مأزق الاحتلال وتزيد الضغوط على المسار السياسي والمفاوضات - بوابة اخر ساعة, اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 12:03 مساءً
نفذت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عملية نوعية في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، قرب الحدود، في منطقة تُعد خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، وعلى بعد لا يتجاوز 500 متر من الخط الفاصل.
وتُعد بلدة بيت حانون من أوائل المناطق التي اقتحمها جيش الاحتلال في الأيام الأولى للعدوان على قطاع غزة. وقد شهدت لاحقاً عودة مؤقتة للنازحين بعد انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية، إلا أن عمليات الهدم الواسعة التي لحقت بالبلدة، وما تبقى من منازلها، أجبرت السكان مجدداً على النزوح، في ظل دمار شبه كامل للبنية العمرانية والخدماتية.
وفي تفاصيل العملية، أفادت مصادر ميدانية بأن قوات الاحتلال وقعت في كمين محكم باستخدام أربع عبوات ناسفة، زُرعت بعناية في محيط تحركات الجنود، مشيرة إلى أن بعض المتفجرات التي كان الجنود يحملونها لاستخدامها في تفجير منازل الفلسطينيين، انفجرت أيضاً أثناء الهجوم، ما ضاعف حجم الخسائر البشرية.
وقد أعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عن العملية على لسان ناطقها العسكري أبو عبيدة، الذي أكد أن ما جرى يأتي في إطار معركة الاستنزاف المتواصلة، ملوّحاً بإمكانية تنفيذ عمليات أسر جنود في المستقبل دون تقديم تفاصيل إضافية حول مصير القوة المستهدفة.
وبحسب اعتراف جيش الاحتلال، أسفرت العملية عن مقتل خمسة جنود على الأقل وإصابة 14 آخرين، بينهم ضابط كبير، في واحدة من أشد الضربات التي يتعرض لها الجيش منذ بداية الحرب، وسط حالة من الإرباك العسكري والتشويش السياسي داخل كيان الاحتلال.
وتُشكّل العملية النوعية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في بيت حانون تطوراً ميدانياً يحمل انعكاسات مباشرة على المسار السياسي المتسارع خلال الأيام الأخيرة، ولا سيما في ظل الحديث المتصاعد عن مبادرة أميركية جديدة تهدف إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار.
في هذا السياق، يواصل الجانب الصهيوني، وعلى لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والناطقين باسم حكومته، الترويج لنية الذهاب نحو هدنة تمتد لستين يوماً، تحت شروط وصفها المراقبون بأنها شروط استسلام، تشمل نزع سلاح المقاومة، وإخلاء قطاع غزة من مقومات الصمود، وشعارات أخرى تعكس أهدافًا تعجيزية.
إلا أن هذه العملية الميدانية، وإن كان الاحتلال يمتلك أدوات ضغط سياسية وعسكرية متعددة، جاءت لتؤكد أن لدى المقاومة الفلسطينية أدوات ضغط موازية وفعّالة، قادرة على التأثير الحقيقي، ليس فقط على القيادة السياسية والعسكرية للاحتلال، بل أيضاً على الرأي العام الصهيوني، الذي بات يطرح أسئلة جديّة حول جدوى استمرار هذه الحرب، وتكرار العمليات العسكرية في بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا ورفح وخان يونس وغيرها من المناطق، دون تحقيق أي إنجاز واضح.
الخسائر البشرية المتكررة في صفوف جنود الاحتلال – جنديين هنا وآخرين هناك – مع كل توغل جديد، تُثبت أن المقاومة ما زالت متمركزة ميدانياً وقادرة على خوض حرب استنزاف طويلة المدى، وإيقاع خسائر جسيمة بصفوف جيش الاحتلال، وهو ما يُعد ورقة ضغط قوية على طاولة المفاوضات.
أما على مستوى القيادة الإسرائيلية، فإن تداعيات العملية تتجاوز البعد الميداني إلى مستويات السجال الداخلي الحاد. فقد ألقت العملية الأخيرة بظلالها على جلسات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، حيث شهدت الاجتماعات الأخيرة سجالات حادة ومتكررة بين رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زمير من جهة، وعدد من الوزراء اليمينيين أبرزهم بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وحتى بنيامين نتنياهو نفسه.
ووفق ما تسرّب من تلك الاجتماعات، فإن الوزراء وجهوا انتقادات مباشرة للجيش، متسائلين عن أسباب الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للعملية، وتحديدًا تلك المرتبطة بعملية “عربات جدعون”، التي كان يفترض أن تُحقق السيطرة على ما يقارب ثلاثة أرباع قطاع غزة. ومع ذلك، لم يطرأ أي تغير فعلي في موازين القوى يمكن البناء عليه سياسياً.
من جانبه، دافع الجيش عن أدائه، مؤكداً أن القرار النهائي مرتبط بالمستوى السياسي، وأن العمل العسكري قد بلغ أقصاه، وأن الاستمرار فيه دون مخرج سياسي سيؤدي إلى استنزاف دائم للجيش دون تحقيق إنجازات ملموسة. ورأى رئيس الأركان أن على الحكومة البحث عن حل سياسي، باعتباره الخيار الوحيد للخروج من المأزق القائم.
ورغم أن رئيس الأركان الحالي عُيّن من قِبل نتنياهو نفسه، إلا أن تفاقم الفشل دفع العديد من المسؤولين إلى البحث عن “كبش فداء” لتحميله مسؤولية الانهيار والفشل العسكري والسياسي، وسط تصاعد الخلافات وتعمّق الانقسامات داخل دوائر القرار في كيان الاحتلال.
هذا التصعيد في السجال الداخلي يعكس حجم المأزق البنيوي الذي يواجهه الاحتلال في قطاع غزة، ويؤكد مرة أخرى أن المعركة لم تعد ميدانية فحسب، بل باتت تشمل عمق النظام السياسي والعسكري الإسرائيلي، الذي يترنح تحت وطأة الخسائر اليومية وضبابية الأفق.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق