نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترمب والمحافظون في مواجهة الأعاصير العاتية للدولة العميقة: الأحلاف الغادرة والإستسلام المُنتَظَر.. - بوابة اخر ساعة, اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 11:52 مساءً
أحمد الفراج
بات من شبه المؤكد أن دولة أمريكا العميقة اتخذت قراراً استراتيجياً منذ الزج بأوباما رئيساً في عام ٢٠٠٨ بتبنِّي أيدولوجية اليسار العولمي المتطرف، وتأسيس أمريكا جديدة على قواعد جديدة، فوق أنقاض أمريكا القديمة، أي أمريكا واشنطن ولينكولن وإيزنهاور وكينيدي وريجان، وما الزج بترمب واليمين في ٢٠١٦ ثم ٢٠٢٤ إلا استراتيجية كوابح ضرورية لمنع الإنفجار المجتمعي قبل أن تكتمل مسيرة تأسيس أمريكا الجديدة، فعلى الرغم من كل السياسات اليمينية التي تنفذها إدارة ترمب في محاولة لإنقاذ أمريكا القديمة، إلا أنها تُوَاجه بمدّ يساري شرس وقوي، تدعمه سطوة المال والإعلام والمؤسسات الأكاديمية واللوبيات المتنفذة، وشاهد ما يحدث حالياّ من أحداث عنف في ولايات مهمة مثل كاليفورنيا، وكيف يتم التسويق لنجم سياسي جديد كنسخة لأوباما ليحتل منصب عمدة أهم مدن أمريكا بل أهم مدن العالم، ونعني هنا مدينة نيويورك وعمدتها القادم زهران ممداني، الذي تدعمه قوى كبرى، فقد أعلن مؤخراً الرئيس السابق ذو الشعبية الجارفة، بيل كلينتون، دعمه له، وانتظر قليلاً فسيدخل رمز الديمقراطيين المقدس وأحد أهم أركان دولة أمريكا العميقة، باراك أوباما، حلبة الصراع ويعلن دعمه له، ثم شاهد آيلون ماسك، الذي دخل شخصياً وبقوة لدعم ترمب، وسخّر تطبيق “X” المؤثر في هذا السبيل، وكان له دور كبير جداً بفوزه مهما حاول ترمب وأنصاره نفي ذلك، ثم انقلب عليه، وللعلم فإن ماسك له ارتباط قوي بدولة أمريكا العميقة، فجزء ضخم من ثروته كان من عقود شركاته مع مؤسسات هذه الدولة الشرسة، والطريف أن بعض المعلقين العرب والعجم، الذين يعلقون على شأن أمريكا السياسي من داخل الصندوق، يقولون إن ماسك تحالف مع ترمب لمحاربة الدولة العميقة!.
كان دعم ماسك لترمب غير متوقع، لكنه تم الترحيب به من ترمب وأنصاره، نظراً لشهرته وسطوته، فالمال هو المحرك الرئيس لعروض أمريكا السياسية المشوقة، ولم يكن انقلابه على ترمب مجرد خلاف بين تجار، فهو أعمق من ذلك، فما أن غضب ماسك وأرسل رسالته النارية حول علاقة ترمب وابستين، التي حذفها لاحقاً بعدما وقع الضرر، حتى أعلن عن فكرة تأسيس حزب جديد، وهنا لا بد أن نقتحم التاريخ لنفهم مغزى تأسيس حزب سياسي جديد، ولذا سأعود بكم إلي عام ١٩٩٠م.
بعدما خرج الرئيس جورج بوش الأب منتصراً بعد تحرير الكويت في عام ١٩٩١م، ظن أنه سيتم إعادة انتخابه بشكل قطعي، ولذا تجرّأ وانتقد اسرائيل، فقرروا معاقبته بحرمانه من إعادة الانتخاب، ولأن هزيمته من مرشح ديمقراطي كانت شبه مستحيلة، فقد أوكلوا المهمة لرجل المهمات الصعبة في الإعلام، المذيع والمحاور “لاري كنج”، الذي استضاف الثري التكساسي المحافظ “روس بيرو” وأقنعه بفكرة الترشح للرئاسة كمستقل، فترشح “بيرو” وأصبحت الإنتخابات ثلاثية بين الجمهوري “جورج بوش الأب” والديمقراطي “بيل كلينتون” والمستقل “روس بيرو”، وقد نجحت الخطة نجاحاً مبهراً، حيث لم يفز بيرو، ولكن لأنه جمهوري محافظ، فقد صوتت له شريحة واسعة من الجمهوريين بدلاً من التصويت لبوش الأب، وبالتالي فاز كلينتون بالرئاسة:
(حصل بوش الأب على ٣٩+ مليون صوت وكلينتون على ٤٤+ مليون صوت وبيروت على ١٩+ مليون صوت)، بمعنى أنه لو لم يترشح بيرو، لفاز بوش بسهولة شديدة، فمعظم أصوات بيرو، إن لم يكن كلها، كانت ستذهب له وتكون النتيجة التقريبية:
(٥٨+ مليون صوت لبوش الأب مقابل ٤٤+ مليون صوت لكلينتون)، وقد وعى بوش الأب الدرس جيداً ولقّنه لابنه الرئيس لاحقاً، جورج بوش الإبن، الذي غزا واحتل العراق بأدلة مزورة وتمت مكافأته بالفوز بفترة رئاسية ثانية!، ولعلك بعد هذا تفهم مغزى تأسيس آيلون ماسك لحزب جديد، وتفهم انشقاقه قبلها عن ترمب واتهامه بأنه في قائمة “ابستين”.
اليمين المحافظ حالياً يصرخ فرحاً وينتشي ساعة وساعة، لكنه يُوَاجَه دوماً بشراسة وقوة نفوذ مؤسسات الدولة العميقة، ونعني هنا المال والإعلام والجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات، فيدرك أنه مثل الغريق المحاصر بمئات الأعداء المسلحين، وليس معه إلا صوته الذي لا يسمعه أحد، وإن سمعه لا يستطيع إنقاذه، فسطوة القوة تغلب كل ما عداها!، والخلاصة هي أن أعاصير وشراسة وقوة دولة أمريكا العميقة واليسار العولمي أكبر من أن يكتسحها ترمب ويعيد أمريكا عظيمة مرة أخرى كما يحلم جمهوره، فترمب، سواء علم أو لم يعلم، هو بالنسبة لدولة أمريكا العميقة مجرد “كابح ضروري” مؤقت في مسيرة بسط نفوذ اليسار العولمي نفوذه الكامل على أمريكا ووراءها عالم الغرب.
كاتب سعودي
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق