المكانة التاريخية لسنترال رمسيس.. من عهد الملك فؤاد إلى الرقمنة الحديثة - بوابة اخر ساعة

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المكانة التاريخية لسنترال رمسيس.. من عهد الملك فؤاد إلى الرقمنة الحديثة - بوابة اخر ساعة, اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025 01:17 مساءً

معلومات مثيرة عن فصول تاريخية شهدت على صمود سنترال رمسيس 
 

في شارع رمسيس العريق، على بُعد خطوات من محطة مصر، يقف مبنى ضخم اعتاد أن يكون مجرد مشهد عابر في زحام العاصمة، لكنه في الحقيقة مركز حيوي عاش مئة عام من عمر الدولة المصرية، كان خلالها شريانًا للاتصال، وعصبًا تقنيًا حمل على عاتقه مهمة الربط بين القاهرة وسائر أنحاء الجمهورية، بل والعالم. إنه سنترال رمسيس، الذي لا يمكن الحديث عن تاريخ الاتصالات في مصر دون التوقف طويلًا عنده.

f989f13cc9.jpg

حين اندلع الحريق الأخير داخل أحد أدوار المبنى يوم الإثنين الماضي، أعاد ذلك الحدث إلى الواجهة أهمية هذا الكيان الذي ما زال يلعب دورًا رئيسيًا في شبكة الاتصالات، رغم التحديثات التكنولوجية المتسارعة. ومع السيطرة السريعة على الحريق، بدأت الأسئلة تدور مجددًا حول قصة هذا المبنى ودوره، ولماذا ظلت له هذه القيمة رغم مرور الزمن.

100 عام من الاتصالات في رمسيس

ولدت الفكرة في عشرينيات القرن الماضي، حين أراد الملك فؤاد الأول أن يؤسس أول دار رسمية لخدمة التليفونات في قلب العاصمة، وتم افتتاح المبنى الأول في 25 مايو 1927، وكان يحمل اسم "دار التليفونات الجديدة". لحظة الافتتاح لم تكن عادية، بل موثقة بإجراء أول مكالمة رسمية باستخدام جهاز هاتف تم تصنيعه خصيصًا في السويد من طراز "إريكسون"، وبهذا بدأت مصر رحلتها في عالم الاتصال المنظم من نقطة مركزية بالقاهرة.

على مدار السنوات التالية، تزايد الضغط على المبنى الأول مع تضاعف الطلب على خدمات الهاتف، خاصة مع تطور المجتمع المصري واحتياجه المتزايد للتواصل. ومع بداية السبعينيات، جاء قرار بناء مبنى جديد بنفس الموقع، لكن بتصميم قادر على استيعاب 400 ألف خط أرضي، وهو رقم ضخم بمقاييس ذلك الوقت، مما جعل سنترال رمسيس أكبر منشأة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط حينها.

منظومة متكاملة لشبكة الاتصالات الوطنية

مبنى السنترال الجديد لم يكن مجرد هيكل إداري، بل ضم بين طوابقه الثلاثة عشر منظومة تشغيل معقدة، تشمل محطات كهرباء داخلية ومولدات طوارئ وأنظمة تشغيل كانت بمثابة العمود الفقري لشبكة الاتصالات الوطنية. من هناك، كانت تُدار المكالمات بين القاهرة والمحافظات، وتُنسق عمليات الربط بين الأرقام، قبل أن تدخل الحوسبة والرقمنة على الخط لاحقًا.

555473480b.jpg

ومع ازدهار خدمات الاتصال في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، لعب السنترال دورًا محوريًا في توسيع دائرة الاتصال الدولي، حيث كان المعبر الرئيسي للمكالمات الصادرة من مصر إلى الخارج والعكس، وكانت تمر عبره كل مكالمة دولية، ما أكسبه طابعًا سياديًا ومكانة متقدمة على خريطة الاتصالات في المنطقة.

ثم جاءت التسعينيات بمتغيراتها، ومع دخول الإنترنت البيوت، أصبح للسنترال دور جديد. حيث بدأت معدات الربط الرقمي تتسلل إلى طوابقه، وأصبح جزءًا من منظومة التحول الرقمي، خاصة بعد تأسيس البنية الأساسية لشبكة الإنترنت في مصر، وكان أحد المقرات الأولى التي وفرت الدعم الفني لشبكات الإنترنت المنزلية.

وخلال العقدين الأخيرين، خضع السنترال لعدة مراحل من التطوير والتأهيل، شملت تحديث الأجهزة والشبكات، وربطه بالمركز القومي للمعلومات وشبكات البنية التحتية الذكية، ليصبح جزءًا أصيلًا من خطة التحول الرقمي التي تتبناها الدولة، رغم الاحتفاظ بطابعه التاريخي والموقعي في قلب القاهرة.

ويكمن التحدي الحالي في أن المبنى، رغم أهميته التكنولوجية، يقع في منطقة مزدحمة ومشحونة بالحركة المرورية والبشرية، وهو ما يجعل أي خلل أو حادث، مثل الحريق الأخير، بمثابة جرس إنذار لضرورة التفكير في بدائل أو خطط تأمين وتطوير إضافية، تضمن استمرار دوره مع تقليل المخاطر.

لكن رغم كل ما تغير، ما زال سنترال رمسيس يحتفظ بمكانته كأحد أقدم رموز البنية التحتية للاتصالات في مصر. مبنى شهد أول مكالمة ملكية، وتطور حتى أصبح بوابة رقمية ضخمة. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق